الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين؛ نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فاني جئت اليكم اليوم ببعض الأبيات التي تحث النفس على الرضا وتشرح معناه.
ونبدأ معا بهذه الأبيات :-
يا نفس إن لم تظفري لا تجزعـي *** وإلى موائد جود مولاك اهرعـي
إذا تـأخـر مطـلـب فلربـمـا *** في ذلـك التأخيـر كـل المطمـع
استأنسي بالمنـع وارعـي حقـه *** إن الرضى وصف المُنيب الألمـع
وإذا بدا من ناطـق الوجـدان مـا *** يدعـوكِ لليـأس الذميـم الأشنـع
استيقظي من نومة الغفلات ولـي *** كن الرجا لك مرتعا فيـه ارتعـي
إن العـطـا إمــداده متـنـوع *** يـا حسنـه ذاك العطـا المتنـوع
وردوا على نهـر الحيـاة وكلهـم *** شربوا وكم في الركب من متضلع
حاشا الكريم يردهم عطشـى وقـد *** وردوا وأصل الجود من ذا المنبـع
كل الذي يرجون فضلك أمطـروا *** حاشاك أن يبقى هشيمـا مربعـي
ثم الصلاة علـى الحبيـب محمـد *** سببي القوي إلى المقـام الأرفـع
هو عصمتي هو عروتي فاستمسكي *** يا نفس بالمجـد العظيـم الأمنـع
وتدور قصة هذه الأبيات حول أحد العلماء وكان له أحد التلامذه النبغاء و الذي كان يدعو الله بما تشتهي نفسه فلم يرى اجابة من الله بينما يرى زملائه في مجلس هذا المعلم يرزقون ما يدعون به بعد وقت قصير، فضاقت نفسه فألقى مجموعة من الأبيات أمام معلمه بما معناها أنك يارب أمطرت كل من دعاك بجودك وبكرمك وبرزقك الوفير الا أنا فهل نسيتني يد الله التي تقوم بتوزيع أرزاق العباد (حاشا لله) ..... وما الى غير ذلك ، فأراد معلمه أن يلقنه درسا لن ينساه هو وكل من يقرأ أو يسمع هذه الأبيات، فاقتبس من الأبيات التي ألقاها عليه هذا التلميذ وقام بالتعديل في محتواها بما يتناسب مع الحكمة التي أراد أن يلقنه اياها ثم قام بالرد عليه، فكانت هذه الأبيات السابقة.
**************************************************************************
وهذه مجموعة أخرى من الأبيات :-
دع الاقدارتفعل ما تــــــشاء وطب نفسا اذا حكم القضاء
ولا تجزع لـــحادثة اللـيالي فـــــــمـا لحوادث الدنيا بــــقاء
وكن رجلا على الاهوال جلدا وشيمتك السماحة و الوفاء
واذا كثرت عيوبك في البرايــا وسرك ان يكون لها غطاء
تستر بالسخـــــــاء فكل عيــــــــــب كما قيل يغطيه السخاء
ورزقك ليس ينقصه التأنــــي وليس يزيد في الرزق العناء
ولاحزن يدوم ولا ســـــرور ولابـــــأس عليك ولا رخاء
اذا ما كـــــــنت ذا قلب قنوع فأنت ومـــــالك الدنيا سواء
و من نزلت بـساحته المنايا فلا ارض تقيه ولا ســـــماء
و ارض الله واسعة و لكن اذا نزل القضـاء ضاق الفضاء
دع الايام تغدر كل حين فـــــما يغــــني عن الدنب الــــــبقاء
**************************************************************************
وهذه مجموعة أخرى من الأبيات :-
قف بالخضوع وناد ربك فإنه الكريـم يجيـب مـن نــاداه
واطلب بطاعته رضاه فلـم يـزل بالجود يرضـي طالبيـن رضـاه
واسألـه مسألـة وفضـلا فإنــه مبسوطـتـان لسائلـيـه يـــداه
واقصده منقطعا إليـه فكـل مـن يرجـوه منقطعـا إلـيـه كـفـاه
شملـت لطائفـه الخلائـق كلهـا مـا للخلائـق كـافـل إلا ســواه
فعزيـزهـا وذليلـهـا وغنيـهـا وفقيرهـا لا يرتـجـون ســواه
ملك تدين لـه الملـوك ويلتجـي يـوم القيامـة فقـرهـم بغـنـاه
هو أول هـو آخـر هـو ظاهـر هو باطـن ليـس العيـون تـراه
حجبتـه أسـرار الجـلال فدونـه تقف الظنـون وتخـرس الأفـواه
صمـدٌ بـلا كـفء ولا كيفـيـة أبـدا فمـا له من نظـراء ولا أشـبـاه
شهدت غرائـب صنعـه بوجـوده لـولاه مـا شهـدت بـه لـولاه
وإليـه أذعنـت العقـول فآمنـت بالغيـب تـؤثـر حبـهـا إيــاه
سبحان من عنت الوجـوه لوجهـه ولـه سجـدت أوجــه وجـبـاه
سل عنـه ذرات الوجـود فإنهـا تدعـوه معـبـودا لـهـا ربـَّـاه
ما كـان يُعبـد مـن إلـه غيـره الا والكل تحـت القهـر يرجون النجاه
أبدى بمحكم كونه وهذا بشـرا سويـا مـن نطفـة جـلَّ مـن سـواه
وبنى السموات العلا والعرش و الكرسي ثم عـلا الجميـع عـلاه
ودحا بسيط الأرض فرشـا مثَّبتـا بالراسيـات وبالنـبـات حــلاَّه
تجري الرياح على اختلاف هبوبها بإذنـه والفلـك والأمــواه
رب رحيـم مشـفـق متعـطـف لا ينتهـي بالحصـر مـا أعطـاه
كم نعمة أولى وكـم مـن كربـة أجْلَـى وكـم مـن مبْتَـلً عافـاه
فـإذا بليـت بغربـة أو كـربـة فادع الإله وقل سريعـا يـا الله
لا محسن الظن الجميل بـه يـرى سوءا ولا راجيـه خـاب رجـاه
ولحِلمـه سبحانـه يُعصـي فلـم يُعَجِل على عبـد عصـى مـولاه
يأتيـه معتـذرا فيقـبـل عــذره كرمـا ويغفـر عمـده وخـطـاه
يا ذا الجلال وذا الجمال وذا الكرم يـا منعمـا عـم الأنــام نــداه
يا من هو المعروف بالمعروف يـا غوثـاه يـا ربـاه يــا مــولاه
ما لي إذا ضاقت وجـوه مذاهبـي أحـد ألـوذ بركـنـه إلا أنت يا ربَّــاه
ثم الصلاة علـى النبـي تخصـه وتعـم بالخـيـرات مــن والاه
ما صاح في عذب العذيب مغـرد أو لاح بـرق الأبرقيـن سـنـاه
وأختم كلامي بهذا الدعاء "أحمدك اللهم ربي كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، اللهم اني أحمدك على جميع قضائك وكل قدرك حمد الراضي بحكمك المتيقن في حكمتك وقدرتك فبرحمتمك يا أرحم الراحمين أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، أحمدك اللهم ربي علي نعمة الايمان بك وشرف الاسلام لك وأصلي وأسلم علي عبدك ورسولك وشفيعنا في الدنيا والآخرة سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين".